.
. الطلاق والأثار المدمرة
مقال بقلم – د . ياسر مكي
الطلاق هو قرار يتخذه أحد أو كلا الزوجين يقضي بفسخ عقد الزواج الذي يربطهما ببعضهما وبموجبه ينتقل كل منهما لحياة أخرى وهذاالقرار الذي يتخذ برعونة وتسرع في بعض الأحيان قد يصاحبه كثير من النتائج السلبية التي تغير حياة جميع أفرادالأسرة خاصةإذا نتج عن هذا الزواج أطفال لالهم ولا قوة
ومما لا شك فيه أن مشكلةالطلاق باتت ظاهرةمفجعة تزايدت حالاتها في السنوات الأخيرة بشكل مبالغ فيه وتنوعت أسبابها وتباينت أضرارها لنجد أنفسنا أمام أسئلة مفروضة ومطروحة الإجابة عليها في منتهى السهولة وعلاجها في قمة الصعوبة لهدمها بيوتات كانت آمنة مطمئنة هانئة مستقرة لنعود ونسأل أنفسنا من السبب عن وقوع الطلاق الزوج أم الزوجة ؟ ومن الخاسر والفائز منهما في هذا السباق المرير ؟ وهل العصبية والتوتر والضغوط المادية هي الأسباب الحقيقية للطلاق والانفصال أم هي التغيرات التي تطرأ على شخصية الطرفين بعد الزواج ؟
فإذا نظرنا للظاهرة من زواية واحدة ضيقة دون النظر لغيرها من الزوايا الأخرى وجدنا أن الطرف الخاسر في هذه المعركة هي المرأة وذلك لنظرةالمجتمع الغريبة والشاذة للمطلقة وأيضآ لصعوبة زواجهاثانية لرفض الرجال بالارتباط بمطلقة ون النظر للأسباب والتي قد تكون لصالح المرأة لوقوع ظلم عليها من زوجها فتصبح مغلوبة على أمرها لا سبيل لها إلا طلب الطلاق أو رفع دعوى خلع أمام المحكمة المختصة
وهناك نساء لا تطاق عشرتهن فيكون الانفصال والطلاق فيهما مصلحة للرجال ومكسب حتى وإن وقع عليهم ضرر مادي نتيجة لذلك وأيضآ خسارة الزوجة المعنوية في هذه الحالة هي الأكبروالأكثر ضررا كونهاتتمثل في السمعةونظرة المجتمع للمطلقات
إلى هنا وفي حالة عدم وجود أطفال من هذا الزواج الذي لم يكتب له البقاء والنجاح قد ينتهي الأمر كله خلال فترة زمنية قصيرةوتنتهي آثاره ويذهب كل طرف لشأنه ويبدأ حياته من جديد مع شريك آخر أكثر تفاهما وتستقيم الحياة بعدها ولكن ماذا لو أثمرت العلاقة الزوجية المنتهية عن إنجاب أطفال ؟ ومن الضحية جراء هذا الطلاق ؟
هنا نتزوق مرارة الإجابة لنجد أنفسنا أمام طرف ثالث ضحية شاء قدره أن يكون ثمرة هذا الارتباط المرتبك الأكثر تركيبا وتعقيدا فيكون حينها هو أولى بالبحث والرعاية والعناية لوقوع آثار مستمرة وخيمة ومدمرة عليه فهنا وجب علينا أن نحكم ضمائرنا وقلوبنا معآ ليكون الأطفال الابرياء ذكرانا كانوا أو إناثا محط انظارنا ومجمل اهتمانا دون النظر إلى الزوج أو الزوجة لكون الأطفال وحدهم هم ضحايا الشقاق والهدم خسروا بطلاق والديهم حياتهم الآمنة المستقرة بين ابوين المفترض فيهما أن تكون حياتهما مستمرة فيعيشوا نتيجة لهذا الانفصال طفولتهم مشتتين بين ابويهم رافضين تقبل قرارالطلاق فينتابهم الشعور بالحزن والأسى والقلق وخصوصا إذا عاصروا صراعات والديهم بالمحاكم لتتأثر حالاتهم النفسية بتلك المشاهد التي لا تتحملها قلوبهم ولا تستوعبها عقولهم ويصبح بعضهم ملازما لجدران المنزل منطويا على نفسه لضعف ملكة الاتصال والتفاعل لديهم مع والديهم ومع كل المحيطين بهم وقد يصبحوا دراسيآ عن قرناءهم وربما يبدا مستواهم التعليمي في التدني عن ذي قبل لشعورهم بالارتباك والتشويش الذهني وعدم القدرة على التركيز وتحصيل المواد الدراسية بل قد يصل الأمر إلى تعاطي البعض منهم للمواد المخدرة والإدمان كوسيلة للتنفيس عن احباطاتهم وقلقهم ومنهم من يصير زائرا دائمآ للأطباء النفسين أو نزيلا بإحدى المصحات النفسية لحدوث حالة من الإكتئاب وعدم الثقة في النفس وفي الآخرين بسبب المشاعر السلبية التي تسيطر عليهم والتي تظل عالقة بهم فتتأثر بها علاقاتهم المستقبلية بغيرهم مع مرور الوقت لتصبح عرى الزوجية فيما بعد مهددة بالفشل لعدم ثقتهم في نجاحها لانعدام الشعور بالأمان في شريك الحياة ……..وهناك ايضا جانب مادي سلبي يؤثر على الأطفال جراء هذا العبث بمقدارتهم فيقل مستواهم المعيشي لاختلاف قيمة ومقدار الانفاق عن ذي قبل ولعحز الأب عن الإنفاق لكثرة التزاماته وتشعبها وخاصة إذا تزوج من أخرى
ولهذة النتائج السلبية التي تلحق بالأبرياء من الأطفال نتيجة طلاق والديهم وجب على كل من الزوجين أن يحارب من أجل حماية هذا الرباط المقدس وبقاءه فمن الأفضل أن يوجه الأزواج جهودهم نحو إصلاح العلاقة الزوجية بدلا من السعي لهدمها فالحفاظ عليها واستمرارها أسهل بكثير من هدمها وانهاءها وهي أمر يسير مقارنة بالخطوات والتبعات المدمرة نفسيا والإجراءات القانونية بين كلا الطرفين والتي تعقب الطلاق ويجب أيضآ قبل الاقدام على الطلاق التريث وعدم التسرع والتفكير في عواقب القرار ليس على الزوجين فقط وإنما على أطفالهما والبعد عن شعور كل منهما بأنه ضحية وان يعمل كل منهما على تحسين صورته وصورة الطرف الآخر أمام أطفاله وأداء كل منهما لدوره بإتقان وان يحكم كل منهما ضميره في كل تصرفاته سرا وعلانية وألا يقلل كل منهما من قدر الآخر في نظر أولاده ويجب أن يسعى كل منهما لخلق مساحة أكبر من التفاهم وتجنب الألفاظ والعبارات الجارحة والكلمات القاسية لأن أثرها يبقى في الذاكرة لا ينسى