تقمص الشيطان دور امرأة فاتنة وخرج إلى الشارع العام،

يبحث عن ضحايا جدد، استقبله الجميع بابتسامة رقيقة، ودعوه إلى حفلة سمر، داخل خيمة عربية بدوية كبيرة…

وقفت الفتاة المقنعة وسط الخيمة،وقدمت عروضها المبهرة في الرقص ،الجميع فاتح فاه من أجل الحصول على ابتسامة حلوة من شيطانة الحفل …اجتهدت في منح الحضور خمورا إفرنجية، ترنح لها الجميع يمنة ويسرة، سقط أغلبهم على الأرض ثملى ، طفت غرائزهم الحيوانية على الوجود، ولم يعد للشرف مكان بين الحضور، الكل يريد الظفر بشهرزاد المزورة. وقع لغط كبير ،تلاه خصام بين الناس وملاسنات حامية الوطيس،حيث حاول أهل المال كسب الرهان،لكن ذوي السلطة كانوا أقوى،والشيطانة مزهوة بنصرها ترقص فرحا

وطربا . لقد راقها منظر هؤلاء الغوغاء، وهم يتراهنون على كسب ودها، تمنت لو قتل بعضهم بعضا.ولكي تزيد السهرة تشويقا ومتعة، صعدت فوق طاولة عالية، ونادت عِلِيَّ القوم بصوت رخيم، ممزوج بكثير من الغنج والدلال:

-أنا سأكون ملك من يفوز بي هذه الليلة، اشحذوا سيوفكم الحادة، فأنا أنتظر البطل على أحر من الجمر…هيا تبارزوا…تقاتلوا…

فعلا ، تحولت الخيمة من مكان للذة والأكل إلى ساحة الوغى، تقاتل الناس فيما بينهم ليلة كاملة، وقبل بزوغ الشمس بقليل،نجح أحد الشباب الأشداء تدمير كل من كان في الخيمة، اقترب من الأميرة مزهوا بنفسه وقال لها:

-أنا عنترة زمانه، أنت لي وحدي ولن يزاحمني فيك أحد؟

– طبعا..طبعا..سنستمتع معا بلحظاتنا الجميلة،فلنتناول نخب النصر، خذ هذه الكأس واستمتع بحلاوتها،أنت بطل تستحق جسدي و جمالي وكياني…

تناول البطل الكأس من يد الأميرة فعبه في جوفه دفعة واحدة، ثم سقط على الأرض جثة هامدة…

في هذه اللحظة، خلعت الأميرة المزورة قناعها، وظهرت في أبشع صورة، حل الشيطان محلها ،قهقه عاليا حتى بانت ،بنواجذه، ثم اعتلى عتبة ونادى في الناس، وهم جثث مترامية على السجاد…

أيها الأغبياء، أيها الحثلاء.. لقد تخلصت منكم جميعا،ولم أهرق نقطة دم واحدة . في أول وهلة،اعتقدت أني سأتلقي مقاومة شرسة من طرفكم،فإذا بي أرى أشباه الرجال، لا يفكرون أبعد من فروجهم، سأسرع إلى ملك الجن لأخبره أن أهل الأرض، لم يعودوا محتاجين للجن، لقد أصبح الإنس أكثر شيطنة منا، بل تفوقوا علينا،في كثير من الأمور، و سأقدم طلبا عاجلا لمعالي الجن الأكبر بأن يمنحنا تقاعدا مريحا، فخلفاؤنا من الإنس قد حلوا محلنا، ولبسوا أقنعتنا الشيطانية وعاثوا في الأرض فسادا…

بقلم محمد مهداوي