قصة:الفصول(17).. قصة بقلم محمد عبد الكريم الوصيف

قصة:الفصول(17)

في أحضان الطبيعة…
كان الربيع في اوج عطائه وجماله حينما عدنا الي الخيام بمنتجعنا بالسهل الشا سع ببني غزيل وقد تقلصت تقلبات الطقس ورق النسيم معطرا باريج الازهار المختلفة التي تحيط بمنازل الخيام ، و ترك لها مجال لاترعي فيه القطعان يسمى ” القدال” تسرح فيه الخرفان حديثة الولادة وصغار المعز وتوكل للأطفال رعايتها وإطلاق سراحها من “الربق” رباط توثق به حتى لا تتبع القطيع الذي يذهب بعيدا عند الضحي ولا يعود الا ليلا، فتستعد حينها النساء لاستقباله وارضاع تلك الصغار بما تركته لهامن لبن في ضرع الام بعد حلبها..
كنت اتابع أمهات المعز وهي تعانق صغارها التي اندفعت اسفلها للرضاعة محركة اذنابها الصغيرة وهي تثغو في ما يبدو أنه فرح باللقاء..
ثم تجتمع العائلة حول القصعة بعد مناداة الأطفال وقد يتناول احدهم وجبته في خيمة من الخيام الأخرى وقد استغرق في اللعب الي الليل.
ويرسل للراعي طعامه في مكانه الخاص به للنوم..
فإذا جاء الصباح اوقدت النساء النار مع الفجر لإعداد الطعام و مخيض اللبن. وحين تشرق الشمس تقوم بحلب الشاة الحلوب ويتناول الكبار غداءهم مبكرا ثم ينطلقون بعدها بعيدا الي اشغالهم على الدواب او على الارجل، ولا يبقى في الخيام سوي النساء والاطفال..
بدات اعشاش الطيور تخلو من فراخها. وبدأت بعض الازهار في الذبول وبدأت السنابل في الإمتلاء والاصفرار في المساحات المزروعية. وجف ما لم يكتشفه الطير والإنسان من كماة… وبدأ الربيع يتهيأ للوداع.
عاد والدي من مدنين ذات يوم ومعه (اجلام) الجز بعد سنها كما يفعل كل سنة. واجتمع مع اجوارنا واتفقوا على َموعد “الجز” والاستعداد له. واستدعاء بعض الحرفيين في الميدان . وطلب من الرعاة ان يحبسوا الاغنام في ذلك اليوم وان لا يذهبوا للمرعي..
انه يوم عيد واحتفال تذبح فيه الخرفان وتولم فيه الولائم وتجتمع العائلات ويستدعى اليه الأقارب والأصحاب….
(يتبع)
تونس في 17/2/2022
محمد عبد الكريم الوصيف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.