الربابة الالة الموسيقية.بحث موسيقي بقلم سعد عبد الغفار

بحث موسيقي

الربابة … الالة الموسيقية العربية الاصيلة التي رافقت الشعراء المداحين

تعد الربابة من الالات العربية البدائية التي جاءت من صحراء البادية اوجدها العرب الرحل في نجد واستعملت من قبل الشعراء المداحين وهي اكثر الالات محاكاة للحن ولصوت الانسان فهي تمتاز بصوت جميل ينساب الى خوالج النفس ويصيب جوارحها وتختص هذه الالة بعزف اللون البدوي من المسحوب والناعمية والردادية والهجيني في الجزيرة العربية وكذلك القصيد البدوي والنايل والشروقي وابو الزلف في العراق ودخلت مدخلاً مهما مع الزجالين بالاخص في سورية ولبنان وفلسطين

واخذ الغرب الة الربابة عن العرب في العصر الاندلسي وعرفوا القوس عن طريقهم واستندوا اليها في صنع الة الربيك والكمان ومشتقاته من الفيولا والتشيللو والكونترباص وقد رافقت الربابة الحياة العربية منذ اقدم العصور وكان شاعر الربابة ثابتا من ثوابت البداوة العربية وله دور كبير في تشكيل الوجدان الجمعي للناس وكان شاعر الربابة بمثابة سفير ينقل ماثر بيئته واشعارها حيثما حل وارتحل في البيئات المختلفة وان الطقوس الاحتفالية التي تحدثت عنها الادبيات العربية والتي كانت تقدم فيها السير الشعبية كسيرة الهلاليين وسيرة عنترة طقوس ضاربة في القدم ومتوارثة في دابنا الشعبية منذ العصر الجاهلي وحتى الان

واستطاعت الربابة ان تفتح بوابة سرية على حزن العربي وان تتغلغل إلى اعماق روحه وهي لا تمتلك الا وترها الوحيد ولم يتم التقاط ايقاع هذه الالة الساحر في العصر الحديث كما تم التقاطه في الاغنية الاردنية وظلت الة ثانوية في الشام والعراق وحتى في الجزيرة العربية

ان الربابة في الاردن قدمت عشرات الاغاني التي دللت على تفرد هذه الالة في السيطرة على مزاج البدو وقدرتها على النفاذ الى اعماقهم

تاخذ هذه الالة الوترية اشكالا متعددة منها الصندوق الخشبي المستطيل وهذه هي الربابة السعودية السائدة في جزيرة العرب ومنها ما هو على شكل بيضوي وهذا الشكل السائد في المغرب العربي ومنها ما هو على شكل دائري وهذا هو الشكل السائد في العراق ومصر ومنها ما هو على شكل الكمنجة واشكال هندسية عدة وهناك رباب يصنع من كالون الزيت

وكما هو معروف وفي المصطلح العامي الالة مكونة من الصندوق والذراع والقوس فالذراع طوله في الغالب 70 سم ياخذ الصندوق 35 سم والبقية مقسمة على ذراع الوتر والمزوى والعرش في السابق كان يعمل من خشب الاثل او الخيزران يحز في راسه ويثقب ايضا من اجل عود الميزان المزوى الذي يلف عليه خيط السبيب

اما الوتر فهو مصنوع من السلك المعدني والوتر الطبيعي من سبيب الخيل اي ذيل الفرس او الحصان ويستحب ان يكون طويلا تربط اطرافه بخيط حرير من اجل ان يكون الاعلى في طرف الذراع يلف على عود الميزان المزوى والطرف السفلي يربط في قاعدة العود عرش الربابة ولابد ان يلامس السبيب الجلد من الاسفل

ان القوس فيستحب ان يكون قطره يساوي الذراع او يقصر عنه قليلا والعازف المتمكن من فنه يزيد من طول قطر القوس الذي يعمل من عسيب النخيل ويربط فيه وتر على شكل قطر دائرة ويكون اكثر جمالا اذا شد الوتر وكان قريبا من القوس بمسافة قدرها 12 سم وتر السبيب تربط اطرافه بخيط من الحرير وتربط في اطراف القوس وتشد وكلما كان مشدودا كان اكثر عطاء للصوت الحزين

والمزوى فهو عود من الخشب يثقب له في طرف الذراع العلوي ويحز العود من اجل ان يشد الخيط فيه ويقال له ميزان الوتر طوله لا يتعدى 10 سم

اول من اوجدها العرب الرحل في الجزيرة العربية ولذلك فان علاقة ابن البادية مع هذه الالة الوترية وثيقة جدا وكذلك ابن القرية واكثر من يستعملها الشعراء المداحون وتكاد تكون السمة البارزة في مجالس شيوخ البادية وتعلق ابن البادية بهذه الالة لانها تتناسب مع طبيعة البادية من حيث صنعها ومن حيث ملائمتها للمناخ الصحراوي وعلى سبيل المثال اهل الساحل لا يعتنون بها لانها تتطلب جوا جافا خاليا من الرطوبة اما ابن الصحراء فهو شديد الحرص عليها والتعلق بها لسهولة نقلها في ترحاله من مكان الى مكان

فالربابة ذات وتر واحد عند ملامسته وتر القوس يحدث نغمة تشكلها اصابع اليد من اجل ان تساير الجمل الموسيقية واهل الشمال في الجزيرة اكثر تعلقا بالربابة من بقية سكان الجزيرة ودائما تكون النديم الوحيد لكل مهموم وعاشق فيهم .

سعد عبد الغفار

المصادر :
اعداد سابقة من :
مجلة التراث الشعبي
مجلة القيثارة العراقية
الكاتب احمد الرواشدة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.