الفنان روحي الخماش… بحث فني بقلم سعد عبد الغفار

بحث فني
استاذي الفنان الكبير روحي الخماش
ولد الفنان الاستاذ روحي الخماش في مدينة نابلس بفلسطين في العام 1923 واشتهر كموسيقار وعازف وملحن كان لـه دور كبير في تطوير الموسيقى العراقية والحفاظ عليها وازدهار الحركة الموسيقية في العراق واسس فرقا فنية اسهمت بدور كبير في حفظ التراث الفني العراقي وتطويره مثل فرقة الموشحات في العام 1948 والتي تحول اسمها في العام 1961 الى فرقة ابناء دجلة وفرقة الانشاد العراقية وفرقة خماسي بغداد التي تحول اسمها الى ( خماسي الفنون الجميلة )
اشهر ما لحن انشودة الابتهال الديني ( يااله الكون ) الذي ارتبط بتقاليد وشعائر رمضان في العراق
ترعرع روحي الخماش في نابلس بفلسطين المحتلة وفيها بدا دراسته في المدرسة الخالدية الابتدائية في العام 1928- 1929 ثم انتقل الى مدرسة النجاح حتى تخرج منها
بدا حياته الفنية في سن مبكرة حيث كان ابوه ينمي موهبته ويصقل ذكاءه ويدعم ولعه بالفن والغناء فاشترى له عودا صغيرا وهو لم يبلغ من العمر سوى ست سنوات ليتمكن من العزف والتدرب عليه وكان احمد عبد الواحد الخماش الذي درس الموسيقى في تركيا يشرف على عزفه ويتابعه فنيا
في العام 1933 قدمه والده عازفا على العود امام جمهور غفير من مدن فلسطينية وعربية حيث ادى بعض المقطوعات الموسيقية الغنائية لمحمد عبد الوهاب وام كلثوم كان الفنان عبد الوهاب قد قدم الى فلسطين انذاك ومن حسن حظ روحي الخماش ان غنى امامه وكشف عن موهبته الموسيقية في عزفه وغنائه فاعجب الفنان محمد عبد الوهاب ببراعته وموهبته الكبيرة واهدى اليه هدية رمزية عبرت عن عظيم اعجابه بهذا الطفل الموهوب وكانت عبارة عن ( نصف جنيه ) وفي سن العاشرة من عمره غنى امام سيدة الغناء العربي ام كلثوم اثناء زيارتها لمدينة يافا واحياء حفل على مسرح مقهى ابو شاكوش في العام 1933 حيث غنى الصبي روحي الخماش امامها موشح ( سكت والدمع تكلم ) لمحمد القصبجي فقبلته ام كلثوم واثنت عليه وطلبت منه مزيدا من الغناء وتنبات له بمستقبل فني زاهر
عندما اكمل الابتدائية كان صيته قد ذاع في كل نواحي وارجاء مدينته وعرف باقتداره واشتهر بذكائه وفي بداية العام 1935 وصلت انباؤه الى سمع الامير عبد الله الذي طلب منه الملك غازي ان يدعوه الى بغداد حيث الحضارة الاصيلة والابداع والفن العظيمين فاستقبله الملك غازي فغنى له كما غنى للامير عبد الله من قبل وزاد عليها من الاناشيد الوطنية المشهورة التي اثارت اعجاب الملك غازي وحركت عواطفه تجاهه ودفعته الى اهدائه ساعته الشخصية ومبلغا من المال دليلا على اعجابه به وتقديرا لموهبته المتميزة وبالطبع كان لذلك الاثر الواضح في شخصية ذلك الطفل
استضاف الملك غازي الطفل روحي في العراق لمدة ستة اشهر قدم فيها روحي العديد من الحفلات لطلاب المدارس
وعند افتتاح دار الاذاعة الفلسطينية في العام 1936 عاد ثانية للمشاركة في بلاده حيث شارك فنانا مبدعا ومنتجا ومقدما لبرنامج يؤدي فيه حفلاته الغنائية لمدة سنة وفي العام 1937 / 1938 سافر في بعثة دراسية الى القاهرة في معهد الملك فؤاد الاول للموسيقى العربية من اجل ان يصقل موهبته ويقومها بالتجربة والمران والخبرة الدراسية المطلوبة
تخرج روحي من المعهد بامتياز في العام 1939 ليعود الى فلسطين للعمل هناك حيث انتقل الى القدس في العام 1939 وعين رئيسا لفرقة الموسيقى في الاذاعة الفلسطينية حيث استمر في العمل حتى سنة 1948
تخرج روحي الخماش من المعهد الموسيقي الشرقي في العام 1943 وعاد بعدها الى نابلس ليدرس الموسيقى لفترة وجيزة انتقل بعدها الى دمشق حيث بدا يؤلف الموسيقى
في عام النكبة الفلسطينية 1948 تعرضت الاذاعة الفلسطينية للهجوم وتم تدمير مبناها الموجود في حي الطالبية في القدس الغربية فرجع روحي الخماش الى مدينته نابلس اثر ذلك استدعاه الحاكم العسكري العراقي لمدينة نابلس ( طاهر الزبيدي ) واشاد بدوره الوطني وموهبته وشكره على مشاركته في احياء عدد من الحفلات الموسيقية للجيش العراقي وطرح عليه فكرة القيام بزيارة الى بغداد ومنحه تصريحا عسكريا من اجل تسهيل مهمة وصوله الى العراق فسافر الى بغداد بصحبة مجموعة من الفنانين العراقيين الذين كانوا موجودين في فلسطين في تلك الفترة لاحياء حفلات فنية في قواعد الجيش العراقي المرابط في فلسطين
وصل الخماش بغداد في شهر تموز من عام 1948 مع شقيقتيه دنيا وفردوس في سيارة عسكرية عراقية
في بغداد وجد روحي الخماش افقا اوسع للعمل الفني ووجد نفسه ينهل من تراث فني وغنائي عريق لم يكن متوفرا له ايام اقامته في القدس ففي اذاعة بغداد التي وظف فيها تولى مباشرة قيادة الفرقة الموسيقية المسائية هذه الفرقة التي كانت تقدم اغانيها ومقطوعاتها الموسيقية كل مساء وعلى الهواء مباشرة واليه يعود الفضل في تاسيس القسم الموسيقي في الاذاعة وتطويره ورفده بكفاءات موسيقية محترفة وهناك في بغداد التقى روحي الخماش مع استاذه استاذ الموشحات العربية المعروف الشيخ علي الدرويش الذي سبق ان تعلم منه الكثير اثناء عملهما معا في اذاعة القدس حيث قاما معا في بغداد بتاسيس فرقة الموشحات الاندلسية وكان الدوريش في سن الثمانين بينما كان الخماش في سن الخامسة والعشرين
عمل الخماش ايضا استاذا لتدريس العزف على العود في العام 1953 بمعهد الفنون الجميلة في بغداد
علاقة الخماش بالة العود علاقة قديمة تعود الى سنوات طفولته الاولى وقد درس العزف على العود اكاديميا ثم اصبح استاذا في تعليم العزف عليه وكثيرا ما كان يفكر في تطوير اداء هذه الالة الموسيقية التي رافقته طوال عمره وقام باضافة الوتر السابع للحصول على الاصوات الكاملة التي تستوعبها الة العود لتسهل عليه اسلوب العزف والتكنيك وارتجال الانغام ويعتبر اضافة الوتر السابع للعود انجازا موسيقيا كبيرا تفرد به الخماش واهمية هذا الانجاز انه يفسح المجال امام العازفين في استثمار قدر كبير من المساحة الموسيقية ولاظهار الجمل الموسيقية بابهى صورها
في نھایة السبعینیات من القرن الماضي اعتزل روحي الخماش الفن واشترى ارضا زراعية في اللطيفية ( احدى ضواحي بغداد ) .
الذكر الطيب له
سعد عبد الغفار
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.