المهاجر الصغير (2).. قصه بقلم محمد عبد الكريم الوصيف

قصة
المهاجر الصغير (2)
.. بلغ المهاجر الصغير الأربعين يوما من عمره حين بدأت اول رحلة له في أجواء الطيران ضمن سرب الاساتذة العائدين من جنوب الكرة الأرضية الي شمالها على محطات ككل اسراب الطيور المهاجرة التي تغادر اروبا مع بداية الخريف هربا من الشتاء فتقطع اجواءالبحر الأبيض وشمال أفريقيا وتجتاز خط الاستواء ودول الساحل الافريقي لتحط بعد رحلة شاقة بجزر القمر..
وينقسم السرب ليستقر بالجزر الثلاث ويعشش ماكثا أشهر طويلة تنعدم فيها الفصول في غابات مداريةممطرة تشتد حرارتها شتاء بحسابنا المعهود وتخف الحرارة صيفا وتنقلب الفصول وتقل الفوارق بينها فهي أقرب للربيع الدائم..
وتنبت الأرض اشجرا اخرى وثمارا اخرى ونباتات أخرى وفواكه وبقول مختلفة غير التي يعرفها التونسيون وتنجم عنها اكلات مختلفة
فالنخل يصبح نخيلا لجوز الهندي متشابه الشكل مختلف الثمر وتختفي فواكه البحر الأبيض ومحيطه فلا وجود للتفاح والمشمش والتين والعنب والشمام وتخرج الأرض بدلا عنها الموز والمنقة واللوتشي والباباي وقلب الثور والاناناس….
فسبحان الواحد الخلاق …
ومحل الذباب تنتشر انواع من البعوض الحاملة للملاريا والحمى بأنواعها.. ويستهلك الناس في اكلهم انواع الموز الأخضر والناضج.. وللموز أحجام وألوان منه ماهو احمر معطرا ومنه ما هو صغير الحجم لذيذ الطعم ومنه ما هو كبير الحجم يستعمل قبل نضجه للطبخ وإعداد الاطعمة وتعوض الجذور المتنوعة انواع البطاطا وإلقثاء ..
حاول ابو خالد ان يطعم الام بما يصلح للرضاعه فالمال متوفر والبضاعة التي اعتادوا استهلاكها نادرة وباهضة الثمن ومستورد ة من فرنسا اغلبها قد انتهت مدة صلاحيتها وعليهم ان يتعودوا على ما يستصيغوه من أكل السكان المحليين …..
لكن قبل أن يبدأ المهاجر الصغير الاكل سيقتصر على حليب الام وسيركب الخطوط الفرنسية في أول رحلة عابرة للقارات وسيرحل مع والديه رحلة الصيف من الجزيرة التي ولد فيها الي الجزيرة الكبرى أين يتجمع التونسيون في رحلة العودة إلى تونس مرورا بتنزانيا و جيبوتي ثم أثينا او روما وباريس وفي هاته المرة سيركب الخطوط الفرنسية ليغير الطائرة بدجيبوتي ومنها إلى باريس وبعدها تونس. فلا وجود لخطوط مباشرة الى تونس
التي بقى اهلها عقودا من الزمن مقيدين بالمرور من فرنسا وبوابتها على العالم ولا تزال في بعض الأمور كذلك وان اتسعت مجالات التصرف والحرية ( يتبع)
تونس في 14/11/2022
محمد عبد الكريم الوصيف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.