اغنية يردلي.. بحث فني بقلم سعد عبد الغفار

مقال فني
اغنية يردلي … والبحث عن عائديتها الحقيقية
من الاغاني العراقية التراثية والتي قام بادائها اكثر من مطرب حتى ضاع اسم مطربها الاصلي اغنية يردلي وكانت مثار تساؤلات عدة اذ ان الكلمة ليست متداولة باللهجة العراقية ولا يعرف معناها الكثير فما هي حكاية الاغنية ؟ وما معنى كلمة يردلي؟
تقول الحكاية كما يرويها الباحثون :
ان شابا مسيحيا من مدينة ماردين كان قد عشق صبية من عائلة غنية جدا لذا كان من الصعب ان يتزوجا ونتيجة لهذا نتجت الاغنية وانتشرت في ماردين لتنتقل بعد ذلك الى سهل نينوى ومن ثم لمدينة الموصل
بعض الرواة يقولون ان يردلي هو اسم الفتاة
وثمة من ذهب الى ان المفردة تركية وتعني الفتاة المدللة يار ـ دلي وما يغلب الظن انها كانت من عائلة غنية عكس العاشق المنحدر من بيئة فقيرة وقد تكون تلك القصة من صنع الخيال اذ انها لا تختلف كثيرا عن قصص العشاق الخالدة على مر الازمان والتي انتهت بالفراق بسبب خلاف مثل روميو وجولييت وقيس ابن الملوح او قصص اخرى كان الفارق الاقتصادي بينهما هو الحائل دون اتمام زواج العاشقين
بعض الباحثين يرجحون ايضا ان زمن القصة يعود لعام ١٨٧٥ على وجه التقدير واول من غنى الاغنية مطرب ارمني هاجر من ماردين جنوب ديار بكر الى الموصل واسمه جبو سنة ١٩١٦
ويقال ان المطرب المزعوم اعتاد غناءها في ما يسمونه هناك بـالروبال وهو مجرى الماء المحاط بالاشجار حيث ينصب الموصليون العرزال اي السقائف المصنوعة من جذوع الاشجار واغصانها او كما هو معروف اليوم بيت الشجرة اي بيت مصغر يصنع على اغصان الشجرة من الخشب فقط ويستعملونها الناس صيفا في اثناء نزهاتهم العائلية
يقال ايضا ان الاغنية انتشرت في منطقة حمام العليل بفضل مطرب اسمه توفيق محمد وكان هو الاخر مهاجرا من ماردين شأنه شأن ابن علي الصفو وسيد سلمان قندرجي وسيد سلو الجزمجي وغيرهم
واختلفت الروايات بشأن القصة التي نتجت عنها تلك الاغنية الجميلة وبشأن اول من قام بغنائها والظروف التي احاطت بالاغنية وبصاحبها ولكن يبدو ان كل مصادر المعلومات اتفقت على انه من ماردين
وبين هذه المعلومة وتلك تبقى الاغنية من اجمل الاغاني التراثية التي ابدع الشاعر خلالها بالوصف الحسي ورسم الصور الشاعرية التي تاخذنا الى حيث عاش العاشقان المفترضان والى حيث البيئة التي اسهمت بقطع الوصال بينهما
تقول كلمات الاغنية :
شرباتكم باغده .. وسطوحكم عالي .. عيني قتلني العطش .. بالله ارحمو حالي .. مريت من بابها .. تتنفس الوردي .. راس ابغتا من ذهب .. وابريسمه هندي .. لدعي من رب السما ليلة غدا عندي .. لفرش فريش الهنا ومخدته زندي
( وقد كتب حرف الغين بديلا عن حرف الراء حيث ان سكان مدينة الموصل ينطقون حرف الراء كما ينطقه الفرنسيون ) .
سعد عبد الغفار
المصادر :
مجلة التراث الشعبي
اعداد سابقة من :
مجلة الاذاعة والتلفزيون العراقية
جريدة الصباح الجديد العراقية