: لا أستسلم هكذا.. نص ادبي بقلم محمد. عطاف

نص: لا أستسلم هكذا..
يفكر في أن يطرح السلاح جانبا، ويُخلي الحلبة قبل أن يوصف بالهدر أو الخرق، أو الهزيمة النكراء، أو كل هذه الأشياء مجموعة.. الكلمة كانت ذاك السلاح. يكاد يتوقف ليس لأنه انتصر، أو فاز، أو أفلح.. وليس لأنه بلغ سموّ الأهداف والمبتغيات التي ناضل لأجلها..
يريد فقط ألا يفعل شيئا، وأن يتمتع باقي العمر بالبذور التي بذرها في الأرض، وهي تنمو، وتتفتح برعما برعما: زهورا وورودا يرضى عنها، لونا وشكلا وأريجا ينعش الأنفاس التي تكاد أن تخمد..
لا يفكر في أن يستسلم. لا يفكر في أن يتوقف.. لا.. لا.. لا.. متعته في أن يكافح من أجل المبادئ القويمة والأخلاق الحميدة، وأن يرُصّ الطريق لمن هم آتون من بعده بكل تأكيد، متحمسين ومتحفزين، وراغبين في مواصلة المسير وتحقيق المرجو من التغيير..
متعته في أن يحس بأنه يقوم بشيء يرضى عنه التاريخ، وتثني عليه الأجيال الثناء الحسن، ويخلد ذكره بين الناس الذين يطرحون السؤال ويحرصون على الجواب المنصف..
وكما ننتقد نحن اليوم الذين سبقونا: ماذا فعلوا وماذا كان يجب أن يفعلوا، فنقسو عليهم أو نغضب منهم، أو نتخذ منهم المواقف، ونتبرأ من أخطائهم الجسيمة، حين نرى كِمّ المشاكل التي تركوها لنا، أو نتهمهم بتفريطهم في التفكير والعمل، ووقوعهم في الزلل وانغماسهم في المجون والفساد واللامبالاة، سيفعل خلفُنا معنا نفس الشيء..
م. عطاف
هولندة