ولا تَجَسَسوا.. مقال بقلم د. محمد الغلبان

مقال بعنوان :
ولا تَجَسَسوا
★★★★★
بسم الله الرحمن الرحيم
” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ “
صدق الله العظيم – الحجرات أية (12)
يقول تعالى ناهياً عباده المؤمنين عن الظن السئ ، وإلقاء التُهم والتَخوين لبعضهم البعض خاصة وإن كان في غير محله دونما دليلا دامغٍ أو برهان قاطع ، إنما هو ناجم عن وساوس وهواجس وأفكار شيطانية ، لأن بعض ذلك يكون إثما محضاً نهى الله تعالى عنه فى غير موضع فى أَىَّ الذكر الحكيم .
فالتَّجَسُّسَ فى جوهره مَظهَرٌ من مظاهِرِ سُوءِ الظَّنِّ ، وهو السَبيلٌ الأول لقَطعِ الصِّلاتِ ، وتقويضِ العَلاقاتِ ، وظُهورِ العَداءِ بَيْنَ الأخوة والأبناء والأزواج والأصدقاء والأحبَّةِ ، وبثِّ الفُرْقةِ بَيْنَهم ، فقد يرى المُتجَسِّسُ من المُتجَسَّسِ عليه ما يَسوءُه ، فتنشأُ عنه العداوةُ والحِقدُ والبغضاء ، ويدخُلُ صَدرَه الحَرَجُ والتَّخوُّفُ بَعْدَ أن كان ضميره خالصاً طيِّباً تجاهه
مصداقا لقوله صل الله عليه وسلم :
” لا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تباغضوا وكونوا إخوانا “
صدق رسول الله صل الله عليه وسلم
رواه البخارى ومسلم .
فكم خرب التجسس من بيوت عامرة مزهرة قائمة على الود والمودة والطمأنينة ؟! حتى ألقى الشيطان سمعه وبصره ونفخ فى أذان الأزواج والزوجات والأصدقاء والأخوة المُتحابين والابناء ببراثم الشَكَك والتَلصُص والتخوين ليكون مُأدَىَ ذلك ونتيجته الحتمية فسادِ الحياةِ ، لتُصبِحُ مَليئةً بالشُّكوكِ والتَّخوُّفاتِ والتخوين ، فلا يأمَنُ الإنسانُ على خُصوصيَّاتِه أو تلك التى أُؤتُمِنَ عليها والتى لا يحق لأحد أن يَتَعرفها أو يقف عليها مَغَبة أن تنكَشِفَ أو تظهَرَ للنَّاس ولكلٍ سِره وخصوصيته ِ
وبها يعيشُ المرءُ في حالةٍ من الشَّكِّ المُريب الذي لا ينتهي وخاصة إن كان التلصص والتجسس ناتج عن حب وشراكة حياة فبها تصبح الحياة جحيماً لا يُحتَمل مع جراء هذه الآفة النكراء .
وعلى قول الكاتبة والروائية الجزائرية أحلام مستغانمى : ” إنّ في الحب كثيراً من التلصّص والتجسّس والأسئلة ، والفضول لا يزيدك إلا تورطاً عشقيّاً ، وهنا تكمن مصيبة العشاق “
ومن قبيل ذلك تجسس الأزواج على خصوصيات وهواتف بعضهم البعض وتتبع محادثاتهم وتفتيش متعلقاتهم والاطلاع على ما يخصهم وما لا يخصهم تحت شعار الحب والمحافظة على لم شمل ألاسرة ، ونسوا وتناسوا بأن هذا الصنيع قد يسهم فى نزع فتيل الامان من أركان الحياة وتبديد الدفئ الأسرى وجعلها فى مهب الريح بلا أمن أو أمان أو إستقرار .
فعلينا أن نبادر جميعا بالأوبة والتوبة إلى الله من هذا الذنب والفعل المُشين وأن نعزم على عدم العود إليه مرة أخرى لأنه هو السبيل الاساسى فى شتات الشمل وضياع الأسر وإنهيار جسور الثقة التى بنيت على مدار سنوات العشرة الطُوال بين الازواج والاخوة والاصدقاء بل وكل العلاقات الطيبة السائدة فى مجتمعنا إمتثالا للامر الالهى بعدم التلصص والتجسس والتخوين ، والمحافظة على الود والمودة والابقاء على جسور الثقة الموصولة فيما بيننا والمحافظة على علاقاتنا ببعضنا البعض كنسيج واحد متداخل ومتشابك سُدَىَّ ولُحْمَة .
والله من وراء القصد ،،،
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.