موسوعة الموسيقى العربية مقال بقلم سعد عبد الغفار

تحقيق فني
موسوعة الموسيقى العربية في مئة عام للراحل الاستاذ عادل الهاشمي … مصدرا مهما للباحثين في هذا المجال
يعد الناقد الموسيقي العراقي عادل الهاشمي ذاكرة موسيقية مشبعة بكل ما له علاقة بهذا التخصص ، وعلى رغم رحيله في العام 2011 فان مؤلفاته العديدة ما زالت حية ، اذ اصدرت هيئة ابو ظبي للثقافة والسياحة في طبعة انيقة مضمونا واخراجا موسوعة الموسيقى العربية ( الموسيقى العربية في مئة عام ) للناقد العراقي الذي اجرى فيها مقابلة بين المتوارث من الفن الغنائي والقرائح المتطلعة الى المستقبل القريب
ولد الهاشمي في حي الاعظمية في بغداد عام 1946 ، درس الموسيقى في القاهرة وتخرج لاحقا من الجامعة المستنصرية عام 1973 ، عمل محررا في صحيفة الثورة وله مؤلفات عدة منها : فن التلاوة واصوات وانماط و مسيرة اللحنية العراقية واصوات والحان كردية
يستعرض الهاشمي العلاقة التي ربطت منجزات القرن التاسع عشر بمنجزات القرن العشرين في الغناء والعزف فيقول : في القرن التاسع عشر فن تراسه منطق الاقتباس من التراث وفي القرن العشرين فن مناصفة بين الموروث والعصرنة وهو فن يخلط بين الخبرة المكتسبة والخبرة المعيشة ، الخبرة المكتسبة تستوجب التمييز ، بينما الخبرة المعيشة خلاقة ومبدعة ، ويضيف : في القرن العشرين هبت رياح العلم تعصف بالمواهب ، مع الفارق بين المواهب المعراة من العلم الموسيقي والمقترنة به ، وبين شعور الحياة وبين منهاج المعرفة
بدا الهاشمي موسوعته عن الموسيقى العربية المعاصرة بالمطربين المصريين : عبده الحامولي ومحمد عثمان ، واقام بينهما مقارنة من ناحية التطوير الموسيقي ونظامه والارتجال وكيف كان يغني الحامولي من مقام موسيقي بينما يلحن محمد عثمان الدور نفسه من مقام اخر
وانتقل الناقد العراقي الى المسرح الغنائي والنهضة المصرية في تقاليد البناء المسرحي وراى ان المسرح الغنائي كان مسرحا للتصورات اكثر منه مسرحا للواقع وتفجراته الاجتماعية ، ولهذا لم يوفق المسرح الغنائي في التعبير عن تطور العلاقات الاجتماعية بقدر ما وفق في الافصاح عن افكار وسير تاريخية لها مساس شاحب بالواقع ، ويتابع : ان اسهامات سيد درويش اكسبت المسرح الغنائي رصانته وابداعه وحيويته لتعبيره عن انسان عصره بموقف اجتماعي جريء تخلله تعاون مع الفنان الكوميدي نجيب الريحاني بتلحين مسرحيتي حمار وحلاوة و العشرة الطيبة
وشغلت مسيرة الفنانة اللبنانية فيروز مساحة من كتاب عادل الهاشمي ، اشار فيها إلى بداياتها في سن الخامسة عشرة ، واسمها الحقيقي نهاد حداد ، اطلق عليها الفنان حليم الرومي اسم فيروز ، وقدمت اغاني الفنانة السعودية عتاب ثم قدمت الفولكلور وبعض الاغاني العراقية على لحن ع الروزنا ، واستمرت في الغناء اللبناني مع الاخوين رحباني ، ويلفت الهاشمي النظر الى ان غناء فيروز لم يكن محصورا بين الكلاسيكي القديم او الجديد المنسلخ عن الجذور العربية بل قدمت المزج بالغناء العربي مع التطور الموسيقي والغنائي الغربي
وكانت مسيرة الفنانة الجزائرية وردة جزءا ايضا من كتابه موسوعة الموسيقى العربية ، فاشار إلى ولادتها في باريس عام 1939 ومنها انتقلت الى القاهرة ثم بيروت الى ان استقرت في القاهرة وبدأت شهرتها مع اغنية انا من الجزائر انا عربية وساهم تعاونها مع الملحن المصري محمد الموجي في هذه الشهرة من خلال قصيدة للشاعر الجزائري سامح الخزرجي مطلعها : ادعوك يا املي واهتف من بعيد انا لم ازل للحب للحب الوليد ، كما تعاونت مع الملحن المصري رياض السنباطي في يا من تنادون الجزائر ها انا عانقت حريتي وفي العام 1972 تزوجت الملحن المصري بليغ حمدي واسفر زواجهما عن الحان لاعمال رائعة مثل : اشتروني وحكايتي مع الزمان واسمعوني
يقول الهاشمي : مؤهلات وردة الفنية كانت كبيرة ، وهي تعود الى صوتها وما يحويه من درجات كثيرة ما بين القرار والجواب ، وخبرتها في اصول الغناء تفوق اداءها لمخارج الحروف ومهارتها في المنعطفات اللحنية وتكوين داء القفلات البارعة وتمكنها من العرض الصوتي
ويفرد الناقد صفحات لام كلثوم ويراها صورة من اشد صور الوضوح لحضارة الغناء فيقول : غناؤها للقصيدة وجد مجالا خصبا في صوتها الذي يمتلك مساحة من الدرجات الصوتية تتحدد بديوانين اي اوكتافين والديوان الواحد يساوي 8 درجات ، اي ان صوتها قوامه ست عشرة درجة والمقام الصوتي في حنجرتها يخرج كاملا وبوضوح من النغم المنخفض الى النغم الحاد الصادح ، وتميزت بقدرتها على اداء الحركة الموسيقية بكفاءة ، وتربعت على السلم الموسيقي صعودا وهبوطا بصوتها ، كما ان الدرجات الثابتة في الانغام تنطلق من الذبذبات الصوتية لها على نحو فيه اعجاز ، ويرى الهاشمي ان الفصاحة والبلاغة والترنم هي علامات اداء ام كلثوم للقصيدة العربية ، فحفظها القران الكريم صقل نطقها وقوم لسانها ، وغنت ام كلثوم الكثير من القصائد وخلعت عليها من سطوتها الفنية ، وكانت بارتجالها للالحان تعتمد على قواها التصويرية والخيالية وعلى عاطفتها المبدعة
على ضوء ما احتوته ( خلاصة ) هذه الموسوعة من معلومات قييمة تعتبر بكاملها مصدرا مهما للباحثين في مجال الموسيقى العربية .
المصادر التي اشادت بها :
الكاتب خالد عزب
جريدة الحياة اللندنية
مجلة الموسيقى العربية
سعد عبد الغفار